مصري بأوكرانيا يروي رحلة النجاة بعد الهجوم الروسي

لم يكن الشاب المصري مصطفى عطالله، يتوقع على الإطلاق أن أحلامه التي كان يبحث عنها والتي بسببها قرر ترك بلاده والتوجه إلى أوكرانيا طالبا للعلم، أن تتبدد بسبب الدمار والخراب الذي خلفته العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا.

لم يكن مصطفى يصدق أن الأمور ستصل إلى هذه الدرجة وأن تكون هناك حرب بين الدولتين، ويكن هو أحد ضحاياها حتى ولو بطريقة غير مباشرة، بحرمانه من استكمال مسيرته الدراسية التي طالما حلم هو وأسرته بها لسنوات طويلة.

“عطالله” طالب بكلية الهندسة بأحد جامعات أوكرانيا، سافر للدراسة هناك لتحقيق حلم الطفولة وأمنية والديه، وقضى هناك 5 أعوام دراسية، تفاجأ يوم بدء العملية العسكرية كغيره من سكان الدولة، “أنا صحيت على صوت انفجارات، حاولت أشوف في إيه لقيت روسيا بدأت دخول أوكرانيا”، ليعيش في حالة من الصدمة وعدم القدرة على التفكير بسبب كل ما يحدث حوله.

ليقرر خوض رحلة العودة إلى وطنه، وكشف عن أنه على الفور تحرك رفقة اثنين من أصدقائه المصريين، وكان من المفترض أن يستقلوا أتوبيس لينقلهم إلى الحدود، لكن لم يكن هناك متاحا، “كان في ناس كثير جدا أوكرانين وغيرهم من الجنسيات التانية عايزين يخرجوا من البلد”، ليقروا الاتفاق على ركوب سيارة أجرة لتنقلهم إلى حدود أوكرانيا حتى وإن كانت بتكلفة مادية مرتفعة.

طوال الطريق إلى الحدود الأوكرانية كانت آثار الدمار بكل مكان، رائحة البارود تزكم الأنوف وملامح الخوف بكل مكان، فالطريق ممتلئ بالمدرعات والسيارات العسكرية، وخال من أي مظاهر للحياة، هذا مبنى محطم بعض أجزائه، ومطار تتصاعد منه الأدخنة بعد تعرضه للقصف، وأب يجري بزوجته وأطفاله للنجاة ويلوح لأي سيارة تساعده في الخروج بهم، ففي الحرب الكل يتساوى في المأساة والضرر.

لكن بوصوله للحدود لم يكن الخروج سهلا، فالمئات يسيرون بتكدس للهروب من الحرب، الكل كان يحمل أمتعته وأطفاله وأحلامه ويهرول بها هاربا من جحيم الحرب، ليكمل رحلته سيرا على الأقدام وسط الكثيرين، وترقب عينيه ما يحدث حوله، فكان لا صوت يعلو فوق صوت بكاء الأطفال، وتمتمات الدعاء بكل اللغات بالنجاة من الحرب، الكل يكسو الخوف والقلق ملامحه، حتى الوصول إلى الحدود الأوكرانية الرومانية.

أمام الحدود الرومانية ولا يفصله عن الأمان سوى خطوات، ظل واقفا مع المئات، يرتعدون من البرد والجوع والعطش، ينتظرون التأشيرة التي ستسمح لهم بالدخول، وبعد ساعات طويلة حصلوا عليها، فسمحت الدولة لهم بالدخول مرعاة للظروف التي تمر بها تلك المنطقة من حرب وعمليات عسكرية.

الوضع بعد عبور الحدود كان مختلفا تماما، ففيه الشعور بالأمان بعد ساعات طويلة من الخوف، وفرت لهم رومانيا أمام الحدود الطعام والمشروبات المجانية مراعاة لأنهم لا يمتلكون المال بسبب رحيلهم المفاجئ، ووفرت لهم انتقالات مجانية لتنقلهم إلى العاصمة ليجد كل منهم سبيله للعودة إلى وطنه أو الانتظار بها حتى تتحسن الأحوال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى